في صباي كنت أقرأ صحيفة الجمهورية كل يوم خميس من كل أسبوع، وصحيفة الأهرام كل يوم
جمعة، وصحيفة أخبار اليوم السبت، لم نكن نملك رفاهية أن نشتري الصحف يومياء لم تكن
الصحف تزيد في هذه الأيام عن صحف حكومية ثلاثة معدودة على أصابع اليد الواحدة، ثم
صدرت صحيفة الوفد التي شغلت المصريين في فترة من الفترات ببابها الشهير (العصفورة)
وهو باب للنميمية الصحفية ظهر جديدة وغريبا في ذلك الوقت، وحاولت صحف أخرى كثيرة
تقليدها فيما بعد لكن مع الأسف تحولت النميمة الصحفية لأسلوب رخيص لابتزاز رجال
الأعمال ومانحي المساحات الإعلانية. وفي صحيفة الأحرار تمیز وحيد غازي بقصص البغاء
التي بدأت بمسلسل روائي بعنوان (مدام شلاطة)، ولم تنتهي صحافة البغاء بقصص الجرائم
المثيرة، وبالرغم النجاح الذي حققه وحيد غازي في البداية إلا أن هذا النجاح لم
يستمر بسبب الإطاحة بغازي لصالح صحفي أخر أكثر حظوة لدى أجهزة الأمن في مصر، | في
ذلك الوقت أعتادت صحيفة الأهالي المعبرة عن اليسار نشر مقالات لا يفهمها أحد،
واستغل الراحل عادل حسين أزمة اليسار، وتحول بصحيفة الشعب الخطاب إسلامية شعبوي كرس
لصحافة فاشية كثيفة التوزيع لكنها مثل باقي الصحف حكومية ومعارضة تنتشر في كل عند
الكثير من الأكاذيب وسط قليل من الحقائق ويستوي في ذلك الصحف الحكومية أو الحزبية.
ومرت الأيام والتحقنا مع أصدقاء رائعون بالمدرسة الخديوية الثانوية التي تخرج منها
أعلام مصريون في العلم والفكر والثقافة. جاورنا مقر لحزب العمل الذي كانت تصدر عنه
صحيفة الشعب بخطاب إسلامي ليس له أي مرجعية دينية أو سياسية معتبرة، سوى رصيد
تاریخي لا يعرفه أحد لحزب مصر الفتاة، وعلى باب مقر الحزب لافتة مكتوب عليها عبارة
لم يعد لها معنى هي (حزب العمل الاشتراكي)؟ | ومن الخديوية إلى الدور الرابع بكلية
العلوم السياسية درسنا الصحافة في الدور الوحيد المخصص لكلية الإعلام قبل أن تبني
مبناها الجديد، وهي مفارقة لأن تقارير التحريات التي صدرت علي فيما بعد بمعرفة ضباط
كسالي يكثفون بتحريات شكلية، قررت اني طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وبين
الخديوية الثانوية وكلية الإعلام في جامعة القاهرة سنوات وقراءات في صحف ومجلات،
وكتب كنت دوما اصطدم باسم الدكتور سعد الدين إبراهيم، ولم أعلم أن هذا الرجل سوف
يتسبب بدون قصد ولا معرفة في تغيير مجرى حياتي بالكامل، بعدها حدث موضوع هذا الكتاب
واعتقلت مع الدكتور سعد الدين إبراهيم وشاركته في تهم خطيرة كلها ملفقة تتراوح بين
الإضرار بمصالح البلاد، وبث الشائعات، وغيرها من تهم الحشو التي تميز القضايا
السياسية ولا يمكن نفيها ولا إثباتها في معظم الأحوال، وخرجت من الأزمة التي عصفت
بي في بداية حياتي العملية بلا وظيفة وبلا عمل، وبعد 4 سنوات من توابع القضية
الشهيرة على مستقبلي المهني وحياتي الشخصية توجهت لإدارة تصريح العمل لاستخراج
تصريح للسفر والعمل في صحيفة سعودية معروفة، ولكن فوجئت باني مدرج على قوائم مباحث
أمن الدولة في هذا الوقت ومصنف کاشيوعي وناشط حقوقي)، وهو تصنيف غريب من باب
الاستسهال من ضابط التحريات الذي تولى تسكين ملفات المتهمين في قضية مركز ابن خلدون
على اعتبار أن كل المتهمين فيها شيوعيون وحقوقيون مثل المتهم الأول في القضية
الدكتور سعد الدين إبراهيم، | وبين اعتقالي ومحاكمتي، ثم براءة جميع المتهمين في
قضية مركز ابن خلدون، اشتركت كل الصحف التي كانت تصدر في مصر خلال هذه الفترة في
التشهير بالمتهم الأول في القضية الدكتور سعد الدين إبراهيم، وكل المتهمين معه لا
الشيء، سوى لتصفية حسابات شخصية بين المتهم الأول في القضية أو لمجاملة السلطة
الحاكمة في ذلك الوقت، وكان ما حز في نفسي هو موقف شخص كان يدير موقع إخباري اعمل
به وهو في الأصل مدرس عمل في ليبيا ثم تسرب للعمل الصحفي بفضل شقيقه السروري
التكفيري الذي وشي بكل زملائه في إحدى قضايا تنظيمات الإرهاب، وبدلا من أن يتكاتف
الزملاء في مثل هذه الظروف، وجدت نفسي بلا عمل لأربع سنوات متصلة منذ عام ۲۰۰۰ م
حتى عام ۲۰۰4م، بعدها غادرت مصر للعمل في صحف محلية في بلدان مختلفة، وفي حلقي غصة
من الصحف المصرية التي لم تعتذر للشباب الأبرياء الذين زج بهم في محرقة قضية
الدكتور سعد الدين إبراهيم بلا ذنب منهم ولا قصد وهم ضحايا حقيقيون فقدوا وظائفهم
وتعرضت سمعتهم للتشهير من صحف وزعت التهم عليهم بلا أدنى ضمير مهني أو أخلاقي. محمد
مختار المريوطية ۲۰ اکتوبر عام ۲۰۱4
Comments
Post a Comment